أعمدة الرأي

🔴 من الخليج إلى البحر الأحمر: صدام طهران وتل أبيب.. ورسائل نارية تتقاطع في سماء الخرطوم مسارب الضي | د. محمد تبيدي

🔴 من الخليج إلى البحر الأحمر: صدام طهران وتل أبيب.. ورسائل نارية تتقاطع في سماء الخرطوم
مسارب الضي | د. محمد تبيدي

في خضم الصراع بين طهران وتل أبيب، وتصاعد قرع طبول الحرب على مسرح الشرق الأوسط الملتهب، تتجلّى في الأفق ملامح رسائل سياسية مشفّرة تتخطّى حدود الجغرافيا، وتطرق أبواب البحر الأحمر، وتحديداً المياة الإقليمية السودانية ، التي أضحت دون مبالغة رئةً جيوسياسية مفتوحة على خيارات متقابلة ومعسكرات متنافرة.

حرب الظل تنتقل إلى الضوء:
لأعوام خلت، ظل الصراع الإيراني الإسرائيلي يتحرك في الخفاء، تحت ستار عمليات استخباراتية، وضربات انتقائية، واغتيالات دقيقة، لكن ما شهدته المنطقة في الآونة الأخيرة من قصف استهدف قنصليات، وتهديدات مباشرة بين الجانبين ينبئ بتحوّل نوعي من “حرب الظل” إلى “صدام مباشر”، وقد باتت كل الجبهات مرشحة للاشتعال.

بورتسودان.. مرآة الصراع الدولي!:
بعيداً عن طهران وتل أبيب، تشهد بورتسودان رسائل غير مكتوبة من القوى الدولية المتصارعة، التي ترى في السودان موقعًا إستراتيجياً مفتوحاً على كل الاحتمالات. الحضور الروسي المقترح في قاعدة فلامنغو البحرية، والأنشطة الأمريكية المتزايدة في البحر الأحمر، يُعيدان للأذهان صورة الحرب الباردة، وإنْ بصيغة جديدة.
كل طائرة حطّت في مطار بورتسودان، وكل لقاء مغلق في فندقٍ من فنادقها، كان رسالة ضمنية: “السودان ليس على الهامش”.. بل هو في عمق المعادلة الدولية، وورقة مهمة في صراع الشرق والغرب.

مع من ننحاز؟ معسكر الشرق أم الغرب؟
في الوقت الذي تزداد فيه الضغوط على الخرطوم لاتخاذ موقف حاسم، يثور السؤال الجوهري: هل يُمكن للسودان أن يظل محايداً في هذا الصراع المستعر؟
وهل المصلحة الوطنية تقتضي الانحياز للمعسكر الشرقي ممثلاً في روسيا والصين وإيران؟
أم الانخراط في التحالفات الغربية بقيادة الولايات المتحدة؟
الشرق يعِد بالاحترام المتبادل والدعم العسكري والتقني دون شروط سياسية حادة، فيما الغرب يُغري بمساعدات مالية وشراكات تنموية، لكنها مشروطة بمواقف سياسية حساسة تمس السيادة الوطنية.
القرار إذًا ليس تقنياً، بل وجوديٌّ يرتبط بمستقبل البلاد، وضرورة بناء دولة مستقلة القرار، تحكمها المصلحة العليا لا الارتباطات الأيديولوجية.

السودان بين المطرقة والسندان:
في ظل هذا الواقع، يبقى السودان كـ”الحصان الأصيل الذي تتنازعه لُجُمان”، وهو أمام خيارات معقدة لا تقبل البساطة:
فالصمت يُقرأ انحيازاً.
والانحياز يُولد العداء.
والموازنة تتطلب مهارة دبلوماسية استثنائية، لا تبدو ملامحها واضحة حتى الآن.

حين تتكلم الجغرافيا.. تصمت الشعارات:
ليس من الحكمة أن نخوض حرباً لا نملك أسبابها، ولا أن ننكفئ عن عالم لا ينتظر المترددين. فالمعادلة الجديدة في البحر الأحمر تُصاغ الآن، وأي غياب سوداني عنها هو تآكل استراتيجي للنفوذ والمصالح.
فهل نملك إرادة القرار المستقل؟
أم سنظل ساحة لتصفية الحسابات الدولية؟
الزمن وحده كفيل بالإجابة.. لكن إن تأخرنا عن اتخاذ موقف وطني رشيد، فقد نكون نحن السؤال الذي يطرحه التاريخ، لا الجواب.

وانا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى