
⭕ مسارب الضي
د. محمد تبيدي
بين ميادين الخرطوم وقاعات الكونغرس: انتصار سوداني وهزيمة أخلاقية دولية
أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية عن استعادة السيطرة الكاملة على ولاية الخرطوم، شاملةً العاصمة الخرطوم ومدينتي أم درمان والخرطوم بحري، إضافة إلى ولاية النيل الأبيض، في أكبر انتصار لها منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023. وأكد العميد نبيل عبد الله أن القوات المسلحة طردت بالكامل ميليشيات قوات الدعم السريع من الأحياء الغربية والجنوبية في أم درمان، مما يؤكّد سيطرة الجيش على كامل المنطقة الحضرية للمركز السياسي والاقتصادي للبلاد.
يشكّل هذا الانتصار الميداني للجيش السوداني خطوة حاسمة نحو إنهاء النزاع الذي استنزف موارد البلاد ودمّر بنيتها التحتية. وتظلّ الردود الدولية، وتحديداً الأزمة السياسية داخل الكونغرس الأميركي، تذكيراً بأن معركة الحق في السودان قد انتصرت، لكنها لن تكتمل إلا بالإنصاف، وبضمانات دولية حازمة لوقف تدفق الأسلحة إلى مليشيا آل دقلو الإرهابية، من كفيلها المعروف، الإمارات العربية المتحدة، التي تشارك فعلياً في دعم جرائم إبادة ضد شعب السودان، ذاك الشعب الذي كان يحميها وطورها.
ويظلّ الأمل معقوداً على تضامنٍ أمميٍّ حقيقي يعترف بضرورة حماية المدنيين قبل فوات الأوان.
تأتي هذه الخطوة بعد معارك ضارية استمرت أكثر من عامين بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع المتمردة، أدّت إلى سقوط أكثر من 24 ألف قتيل، وتشريد قرابة 13 مليون شخص داخلياً وخارجياً. كما تفاقمت كارثة الأمن الغذائي، واستُهدفت مواقع استراتيجية بالمسيرات، ما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين وتدمير البنية التحتية، في ظل استمرار خطر الطائرات المسيّرة التي تهدد حياة العائدين وتمنع الاستقرار في المناطق المحررة.
والي الخرطوم ظهر برفقة قادة الجيش مبشراً المواطنين بعودة الحياة الطبيعية، وسط فرح شعبي عارم واستبشار واسع بهذه الخطوات النوعية.
أما على الصعيد الدولي، فقد فجّرت النائبة الديمقراطية سارة جاكوبس مواجهة سياسية ساخنة داخل الكونغرس الأميركي، في الوقت ذاته الذي حقق فيه الجيش السوداني انتصاره على الأرض. جاكوبس شنّت هجوماً عنيفاً على وزير الخارجية الجمهوري ماركو روبيو خلال جلسة استماع، واتّهمت الإدارة الأميركية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب بتمرير صفقة أسلحة عاجلة بقيمة تتجاوز 1.3 مليار دولار إلى الإمارات، في إطار ترتيبات شخصية مرتبطة بمصالح ترامب المالية، على الرغم من وجود أدلة دامغة تثبت دعم الإمارات لمليشيا آل دقلو الإرهابية، المتورطة في جرائم إبادة جماعية بدارفور وأماكن أخرى من السودان.
جاكوبس وصفت تلك الصفقات بأنها “صفقات ربح خاص على حساب دماء الأبرياء”، مشيرة إلى مشروع البرج الفاخر في دبي وصفقة المليارات مع شركة ترامب، التي ترافقها شحنات أسلحة تُرسل لدعم مليشيا تقتل المدنيين وتدفنهم أحياءً في مقابر جماعية. وأكدت أن تجاهل هذه الحقائق من قبل بعض دوائر القرار الأميركي يضع أرواح السودانيين في كفة المال الملوث.
النائبة الأميركية دعت، مع عدد من زملائها الديمقراطيين، إلى وقف هذه الصفقات فوراً، وعدم تمرير أي دعم عسكري للإمارات ما لم تقدم الأخيرة ضمانات صريحة بعدم دعم مليشيا الدعم السريع بأي شكل. كما نددوا بتجاوز الإدارة لصلاحيات الكونغرس، مما يشكّل تقويضاً للدستور الأميركي ولمبدأ الرقابة التشريعية على نقل الأسلحة.
وانا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة.