أعمدة الرأي

⭕ مسارب الضي د. محمد تبيدي 🛑 القمة العربية لم تخرج بمايفيد حرب السودان

⭕ مسارب الضي
د. محمد تبيدي
🛑 القمة العربية لم تخرج بمايفيد حرب السودان

انعقدت القمة العربية الرابعة والثلاثون في العاصمة العراقية بغداد، وسط حضورٍ عربيٍ واسعٍ وكبير، إلا أن سقف النقاش اتجه بشكلٍ شبهٍ حصريٍ نحو ملف غزة والحرب الجارية فيها. دُمغ جدول الأعمال بمطالبات بوقف إطلاق النار الفوري وإطلاق خطة إعادة إعمار عاجلة لقطاع غزة، وتقديم الدعم المالي اللازم دون شروط مسبقة وهذا مستحق للشعب الفلسطين الصابر.

وبالرغم من تصاعد انتهاكات مليشيا آل دقلو المُتمردة في السودان منذ أبريل 2023، لم يشغل هذا الملف مكاناً يذكر في مُجمل المداولات أو في البيان الختامي لجامعة الدول العربية، فيما اقتصرت الإشارة إلى السودان على حضور مساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق الركن إبراهيم جابر، دون أي ذكرٍ واضحٍ لمآسي المدنيين أو لاشتراك الدول الأعضاء في تعزيز سلم الحرب هناك .

وقد طوى القادة العرب، عمداً أو نتيجة ضغوطٍ سياسية واقتصادية، الجدل الدائر حول اتهاماتٍ متبادلةٍ بين الخرطوم وأبوظبي بشأن دعم دولة الإمارات لمليشيات الدعم السريع عن استخدام الميليشيات لطائرات مسيرة ومركبات مسلحة جلبت بدعمٍ إماراتي، وهو ما تنفيه الإمارات رسمياً، لكنّ الخرطوم قطعت علاقاتها الدبلوماسية معها على خلفية هذه الاتهامات .

في المقابل، لا تقلّ الأزمة الإنسانية في السودان مأساويةً عمّا يحدث في غزة؛ إذ تُقدر منظمة العفو الدولية أكثر من 150,000 قتيل و12 مليون نازح ولاجئ، فضلاً عن تدمير مستمر للمرافق الحيوية واستهدافٍ ممنهج للمستشفيات والمدارس، في ما يُعدّ انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني .

ألقى الفريق الركن إبراهيم جابر كلمة لافتة أكد فيها أن نجاح أي خارطة طريقٍ للسلام يتطلب إخراج المليشيات المتمردة من المدن والقرى، وفتح الممرات الآمنة لوصول المساعدات الإنسانية، ووقف شامل لإطلاق النار تمهيداً لحوارٍ وطنيٍ يؤدي إلى انتخابات حرة يقرر فيها الشعب مصيره بعيداً عن سطوة السلاح . غير أن هذا الموقف الجريء قوبل بصمتٍ عربيٍ مطبق، أثار استياء مفوضين وأوساط حقوقية.

كما شهدت القمة لقاءً ثلاثياً على مستوى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود يوسوف علي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حيث عبر المجتمعون عن قلقٍ عميق إزاء تصاعد الصراع في السودان ودعتهم إلى العمل العاجل لوقف العنف وضمان وصول المساعدات وحماية المدنيين.

أما اللقاء الثنائي بين إبراهيم جابر ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، فقد أشار إلى توجّه متصاعد في التعاون السوداني الروسي لدعم الحكومة الانتقالية المعترف بها دولياً، وهو ما يعكس تعدد أبعاد الأزمة السودانية وتداخل مصالح اللاعبين الإقليميين والدوليين في مسار حلها أو تعميقها .

في ضوء هذه المعطيات، تزداد الحاجة إلى تحركٍ عربيٍ فعّالٍ يخرج السودان من خانة القضايا المهملة، ويجعل من حماية المدنيين أولويةً لا مساومة عليها، بعيداً عن الحسابات السياسية التي تُغض الطرف عن معاناة الملايين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى