أعمدة الرأي

⭕ مسارب الضي | د. محمد تبيدي | الخرطوم خالية من الجنجويد

⭕ مسارب الضي
د. محمد تبيدي
🛑 الخرطوم خالية من الجنجويد

يُعد تحرير غرب أمدرمان خطوة نوعية في استعادة سيادة الدولة على كامل أراضي ولاية الخرطوم، وتحرير المدنيين من بطش المليشيات، كما يمهّد الطريق أمام إعادة بناء المؤسسات المدنية والخدمات الأساسية. ومع تركيز القوات المسلحة على جبهات الكُردفان ودارفور، يُنتظر أن تشهد الأيام المقبلة مزيداً من التحولات الميدانية، سواء عبر إعادة نشر القوات أو من خلال مسار العدالة الدولية بمعاقبة الجهات الداعمة للإرهاب في المنطقة مثل الإمارات التي يثبت يوماً تورطها في دعم مليشيا آل دقلو المُتمردة وقتل المدنين وبأعلن المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية اكتمال تحرير محاور غرب أمدرمان ومدينة الصالحة من آخر أوكار مليشيا آل دقلو المُتمردة، بعد مواجهات عسكرية استمرت عدة أيام نشرت خلالها وحدات مشاه وسلاح مدفعية وقوات خاصة واسعة النطاق للتحقق من خلو المناطق المحتلة. وقد شملت العمليات تحرير مناطق “العطرون” و“المويلح” و“الجمومية” وصولاً إلى قلب الصالحة، وتكبيد المليشيا خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات واعتقال عدد من عناصرها المتمردة وتمكن القوات المسلحة خلال تطهير المنطقة من ضبط كمية كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وأجهزة تشويش، بالإضافة إلى منصة لإطلاق طائرات مسيرة انتحارية وأنظمة دعم لوجستي لهذه الطائرات، علاوةً على الذخيرة والمعتقلات السرية التابعة للمليشيا التي تعتبر جريمة مكتملة الأركان يعاقب عليها القانون الدولي. وشهدت الأحياء المدنية في الصالحة وبقية أحياء غرب أمدرمان توجه القوات إلى منازل المدنيين لإعادتهم إلى مساكنهم بعد تحريرها، الأمر الذي أثار فرحة عارمة بين المواطنين داخلياً وخارجياً، معلنين استعدادهم للعودة إلى ديارهم الآمنة ومستبشرين بتعيين حكومة مدنية بقيادة رئيس وزراء مدني.

خلال التقدم الميداني، وصلت القوات المسلحة إلى منزل والي ولاية الخرطوم خلا المُعيّن من قِبَل المليشيات إبراهيم بقال في غرب أمدرمان. وعلى مدار اليوم، انتشرت مقاطع فيديو أظهرت بقال في حالة انهيار نفسي وجسدي، وملامح الإرهاق العميق على وجهه، وهو يروي تفاصيل حصاره وانسحابه من غرب أمدرمان بعد سيطرة القوات المسلحة عليها . وقد تداول نشطاء على منصات التواصل لقطات للقوات وهي تتفقد المنزل محتوياته المنهوبات التابعة لبقال وأعوانه.

لم يقتصر الحفل الشعبي على الشوارع؛ فقد غصت وسائل التواصل بصور وفيديوهات للمواطنين وهم يلوحون بالأعلام السودانية ويرددون هتافات تطالب بعودة الحياة الطبيعية وتشكيل حكومة مدنية تضمن مصالح الجماهير، معتبرين هذا النصر مقدمة حقيقية للانتقال الكامل إلى حكم مدني ديمقراطي.

ومع إعلان خلو ولاية الخرطوم من أي مقاومة لمليشيا آل دقلو، أوضح بيان القوات المسلحة أن القيادة ستعيد تموضع وحداتها المقاتلة لتحصر المعركة المقبلة في مناطق الكُردفان ودارفور، مستغلةً هدوء الجبهة الغربية للعاصمة لتسهيل عمليات الإمداد والاستراتيجية، فيما اعتُبر هذا التمركز خطوة حاسمة لإغلاق أي صدع أمام أطماع التدخل الخارجي من دولة الإمارات وغيرها من دول الجوار العربي الإفريقي التي تعاونها.

في سياق متصل، شدد مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير الحارث إدريس، على وجود «معلومات استخباراتية دقيقة» تُثبت تورط دولة الإمارات في شن هجمات بطائرات مسيرة انتحارية على مطار بورتسودان والمنشآت المدنية في ولاية الخرطوم، انطلقت من قواعد إماراتية في البحر الأحمر، وذلك ردّاً على خسائر مليشيا الدعم السريع في وسط البلاد . وطالب السفير المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة الجنائية الدولية بفتح تحقيق رسمي ومحاكمة مسؤولي الإمارات المتورطين في تمويل وتشغيل تلك المنصات الانتحارية، وقطع أي دعم لوجستي أو مالي عن الجماعات المسلحة في السودان.

وانا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى