أعمدة الرأي

⭕ شبكة مسارب الضي الإخبارية سبنا شعبان تكتب : كلمة ونص ..البقرة كان ما ولدت ما بتتحلب

⭕ شبكة مسارب الضي الإخبارية سبنا شعبان تكتب : كلمة ونص ..البقرة كان ما ولدت ما بتتحلب

ونحن في طريقنا إلى قرية الدليب بمحلية باندغيو، تجاذبنا أطراف الحديث حول قضايا اجتماعية شتى، فتقاطعت الأسئلة وتباينت وجهات النظر، حتى استوقفتني عبارة نطق بها أحد رفقاء الرحلة، فوجدت نفسي أرددها بتلقائية: “البقرة كان ما ولدت ما بتتحلب”.(مثل يردده ابناء الفولان)

عبارة بسيطة في ظاهرها، لكن معانيها عميقة وعبرت تمامًا عن واقعنا اليوم. استدعت في ذهني رحلة المعاناة الطويلة التي مررنا بها خلال الحرب، فكل شيء له وقته الموقوت، وكل بداية حتماً لها نهاية، ولا يمكننا أن نجني الثمار قبل نضجها، تمامًا كما لا يمكننا أن نحصل على اللبن قبل أن تلد البقرة.

هذا المثل الناطق الذي سمعته من الشقيق الأكبر لوكيل سلطان مايرنو، الأستاذ  علي عثمان أبكر، جسد بدقة ما نعيشه في السودان. لقد مرت بلادنا بفترة عصيبة، حملت فيها المآسي والآلام، وكأنها بقرة حبلى تثقلها المعاناة، تتلوى تحت وطأة الحمل، لكن الجميع يعلم أن النهاية ستكون ولادةً مباركةً، وأن اللبن الصافي قادم لا محالة.

لقد عشنا في أتون الحرب، رأينا الدمار، فقدنا الأحبة، لكننا لم نفقد الأمل. والآن، ونحن نقترب من النهاية، بات النصر واضح المعالم، مثل اقتراب ساعة الولادة. لم يبقَ سوى القليل، وما علينا إلا أن نجهز أوعيتنا لاستقبال الحليب الصافي، رمز السلام والاستقرار والخير القادم.

إلى كل سوداني يحمل في قلبه حب هذا الوطن، أقول لكم: جهزوا مواعينكم، فإن موعد الحليب قد اقترب. الصبر الذي تحملناه لم يكن عبثاً، والمعاناة التي مررنا بها لم تكن بلا جدوى. النصر الشامل النهائي بات قريباً، مثلما أن المخاض مؤلم لكنه حتمي، ومثلما أن الفجر يولد بعد ظلام دامس.

ونجد ان هناك تشبيه بليغ بالغ الدقة  لحال الخرطوم والمدن المغتصبة ،ففترة الحمل ليست مجرد معاناة عابرة، بل هي مرحلة تفقد فيها الأنثى الكثير من صفاتها الجمالية، يتغير شكلها، يثقلها الحمل، وربما تبدو مرهقة ومتعبة. لكنها، رغم ذلك، تحمل في أحشائها حياةً جديدة، وتستعيد جمالها ونضارتها بعد الولادة.

وهكذا حال الخرطوم والمدن السودانية التي اغتصبتها مليشيا الدعم السريع. فقد شوهها العدوان، وفقدت الكثير من معالمها، تبدلت ملامحها بفعل الدمار والاحتلال، لكنها تحمل في أعماقها روحاً لم تُهزم. وكما أن الولادة تعيد للأنثى جمالها، فإن التحرير سيعيد لهذه المدن رونقها، وستنهض الخرطوم من جديد، أكثر قوةً وعزة، تمحو آثار الحرب وتستعيد مجدها، ليعم السلام ويجري الحليب الصافي في شرايين الوطن.

سنظل نردد هذا المثل، وسنحكيه للأجيال القادمة، لأنه ليس مجرد عبارة تقال، بل هو درس عظيم يعلمنا أن الزمن كفيل بجلب ما ننتظر، وأن لا شيء يضيع طالما أن هناك صبراً وعزيمةً وإيماناً بالمستقبل.

نص كلمة

البقرة كان ما ولدت ما بتتحلب… فجهزوا مواعينكم أيها السودانيون…البقرة قربت تلد!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى