أعمدة الرأي

مسارب الضي بقلم: د. محمد تبيدي عجاب القرن

مسارب الضي
بقلم: د. محمد تبيدي

عجاب القرن

في زمنٍ يختلط فيه الواقع بالخيال، وتلتقي فيه التناقضات على تلاوينَ من الأمل والمأساة، ارتسمت معالمُها في لوحاتٍ لم يسبق للبشرية أن شهدت مثلها، مروراً بسلسلةِ اتفاقياتٍ تاريخيةٍ أضاءت دروب التعايش، وثنايا هذه الوقائع التي بدت للوهلة الأولى وكأنها خارجةٌ من أساطير الخيل في جبين هذه الوقائع العجائبية ينقشّ التاريخ فصولاً جديدةً من الأمل والتحدي. قد تبدو بعضها بعيد المنال، أو أقرب إلى سردٍ أسطوريٍّ، إلا أن روح الإنسان الدؤوبة في سعيها نحو السلام والكرامة والعدالة تجعل من الممكن أن تتحول الأحلام في يومٍ ما إلى واقعٍ ملموس. وما أكثر العجائب التي لم نعرفها بعد

– في خطوةٍ مفاجئةٍ للعالم، وقّع الرئيسان الصيني والأمريكي اتفاقاً تجارياً شمولياً، أنهى سنواتٍ من الحروب التعريفية والرسوم الجمركية المضاعفة. يرتكز الاتفاق على تخفيض متبادل لرسوم الواردات، وفتح أسواق التكنولوجيا المتقدمة أمام الشركات الصينية والأمريكية، مع الالتزام بحماية الملكية الفكرية وتعزيز التصنيع المشترك.
يتوقع محلّلون أن يسهم هذا الاتفاق في تحفيز نمو الاقتصاد العالمي بنسبة تصل إلى 1.5% سنوياً، ويعزز من فرص التوظيف في البلدين، كما يفتح شهية دولية لانضمام أطراف أخرى إلى هذا التحالف التجاري الجديد.

– بعد أكثر من عامين من الصراع الدموي، أعلنت روسيا وأوكرانيا، برعاية رباعية دولية تضم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا وبعض الدول العربية، عن اتفاق لوقف إطلاق النار. ينصّ الاتفاق على انسحاب جزئي للقوات من مناطقٍ محددة، وإنشاء مناطق آمنة لحماية المدنيين، وتبادل أسرى الحرب.
هذا التهدئة تأتي في ظل ضغوطٍ اقتصاديةٍ واجتماعية على الطرفين، وهي تمهّد لمفاوضاتٍ أوسع حول تسويةٍ سياسيةٍ نهائية، قد تُنهي أخطر صراعٍ شهدته أوروبا منذ عقود.

– في بادرة نادرة على ضفتي القنال، أعلنت نيودلهي وإسلام آباد، عقب مفاوضاتٍ سريةٍ دامت أسابيع، عن اتفاق لوقف إطلاق النار على طول خط السيطرة في كشمير. الاتفاق يتضمّن فتح معابر حدودية جديدة للتجارة والزيارات العائلية، وتفعيل لجنة أمنية مشتركة لمراقبة خروقات الهدنة والتصدي للإرهاب عبر الحدود.
يأتي هذا الاتفاق بعد سنواتٍ من التوترات العسكرية المتقطعة والاشتباكات الحدودية، وهو يمنح الأمل لسكان المنطقة الذين عانوا طويلاً من ويلات النزاع وانقطاع سبل العيش.

– فيما بداه المراقبون استئنافاً لدبلوماسية مستعصيةٍ منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018، تقترب واشنطن وطهران من إعلان اتفاقٍ يفرض قيوداً جديدة على برنامج إيران النووي، مقابل رفع جزئي للعقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران.
هذا التقدم جاء نتيجةً لسلسلة محادثاتٍ في الدوحة وموسكو وبرلين، شاركت فيها أطرافٌ خليجية وأوروبية لضمان صياغة بنودٍ متوازنة تمنع امتلاك طهران للسلاح النووي، في مقابل إعادة دمجها في نظام التجارة الدولي.

– في خطوةٍ لم يتوقعها أحدٌ في الأوساط الأمنية والإقليمية، أعلن حزبُ العمال الكردستاني عن قرارٍ أحادي الجانبٍ بإلقاء السلاح وبدء الحوار السياسي مع الحكومة التركية. تضمن الإعلان تأسيس لجنةٍ مشتركةٍ لإعادة إدماج المقاتلين السابقين في المجتمع المدني، وضمان حقوق السكان الأكراد في إطار الدستور التركي.
جاء هذا القرار بعد ضغوط دولية وإقليمية متصاعدة، وسلمت المفصوليون من الحزب مقراتهم الرئيسية، تمهيداً لجولةٍ جديدة من المفاوضات السياسية بعيداً عن بندقية القتال.

– تشير مصادرٌ دبلوماسية إلى أن محادثاتٍ غير مباشرةٍ برعاية مصرية وقطرية توشك على بلوغ الصيغة النهائية لصفقة تبادل أسرى بين حركة حماس وإسرائيل. تتضمن الصفقة تحرير مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، مقابل إطلاق سراح جنود متهمين بإدانتهم في قضاياٍ أمنية، بالإضافة إلى رفع جزئي للحصار عن غزة وتسهيل إدخال مواد الإغاثة والبناء.
هذه الخطوة ستفتح نافذةً ضيقةً للتهدئة في القطاع بعد جولاتٍ متكررةٍ من الاشتباكات وأعمال القصف المتبادل.

– في تحولٍ لافتٍ للمشهد الكنسي، فاز القسّ الأمريكي جوناثان كولمان بأغلبيةٍ ساحقةٍ في مجمع الكرادلة ليصبح البابا الأول الأمريكي في تاريخ الفاتيكان. يُعرف البابا كولمان بخلفيته الأكاديمية في الفلسفة اللاهوتية ومناصِرته للقضايا البيئية والاجتماعية.
يتوقع أن يشهد عهده إصلاحاتٍ في إدارة الكنيسة الكاثوليكية، وتعزيز دورها في القضايا العالمية، من حقوق الإنسان إلى مكافحة التغير المناخي، في خطوةٍ تنمّ عن توجهٍ جديدٍ نحو أفقٍ أكثر إنسانية وشمولية.

وانا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى