
كلمة و نص …سبناشعبان …ردًّا على مقال محمد جمعة: حول تجريم الغبش وربط السلوك الانفلاتي بالسكن العشوائي
شبكة مسارب الضي الإخبارية
إن أي محاولة لتعميم السوء على فئة مجتمعية بأكملها لمجرد وضعها الاقتصادي أو الاجتماعي، ليست فقط ظلمًا بيّنًا، بل تجنٍّ يخالف كل القيم الدينية والإنسانية. لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نربط الجرائم، كالنهب والسرقة والتخريب، بفئة “الغبش” أو سكان المناطق العشوائية فقط، فهذا تبسيط مخل ومجانب للحقائق.
السرقة ليست حكرًا على الفقراء! لو نظرت إلى السجون لرأيت فيها مختلسي المال العام، ومن نهبوا مقدرات البلاد بالمليارات، ومن أسسوا شركات من عرق الشعب، ولم يكن هؤلاء يومًا من سكان العشوائيات، بل هم ممن يسكنون القصور والعمارات الشاهقة، وربما في “كافوري” التي تتحدث عنها.
ثم إنك حين تمجّد النظام السابق، كان الأولى بك أن تتذكر حجم الاختلاسات والسرقات التي تمت على أيدي مسؤولين، لا جدوي من ذكرهم بالاسماء حسبما اوصانا الله بالستر وعدم التشهير بالمسئيين، وللعلم لم يكن المتورطون فيها من “الغبش” ولا سكان العشوائيات، بل من أصحاب النفوذ والسلطة والقصور الفخمة والسيارات الفارهه.
نحن لا ننكر أن السكن العشوائي قد يكون بؤرة لبعض الظواهر السالبة، لكنه في النهاية نتيجة لسياسات الدولة الفاشلة في التخطيط العمراني والتوزيع العادل للموارد. الفقر ليس تهمة، ولا يمكن أن يكون سببًا لإدانة أناس بالكامل، بل هو مسؤولية الدولة والمجتمع بأسره.
إن مقالك هذا ليس إلا تحريضًا فجًّا، واستعداءً لطبقة من المجتمع تحتاج الإنصاف لا التجريم. وانا شخصيا اعتبره نداء لتوسيع الظلم الذي يقع احيانا علي شريحة البسطاء والمساكين. وإن كنت حقًا تبحث عن العدالة والأمن، فابحث عن جذور المشكلة الحقيقية، وعن الفساد الذي غذى هذه الأزمات لعقود، بدلًا من تعليق الأخطاء على شمّاعة “الغبش” والمظلومين.
وإذا كان حديثك يتسم بطابع علمي، فإن إزالة السكن العشوائي بلا رحمة لا يمكن أن تقضي على سلوك متجذر في أي مجتمع. فهذه الظاهرة ليست مجرد مبانٍ غير منظمة، بل هي انعكاس لظروف اجتماعية واقتصادية معقدة. لذلك، كان الأجدر أن يُطالب بفرض القانون والعدالة على الجميع دون استثناء، بحيث يُحاسب كل من تعدى على حقوق الآخرين، بغض النظر عن خلفيته أو موقعه الاجتماعي، لتحقيق التوازن بين سيادة القانون والاعتبارات الإنسانية.
ويجب ان تكون علي علم ودراية بان صلاحية القرآن الكريم لكل زمان ومكان لم تاتي من فراغ و تفرض علينا قناعة راسخة بأن السارق، الكاذب، الزاني والمخمور وغيرهم من المنحرفين، موجودون في كل مجتمع، وفي اي دولة دون ارتباط بمنطقة جغرافية أو عرق أو وضع اجتماعي معين. وفي هذا السياق، فإن المناطق العشوائية لا تضم فقط الفقراء والمحتاجين، بل قد تكون أيضًا ملاذًا لبعض الخارجين عن القانون الذين يفرون من الأحياء المخططة بحثًا عن بيئة توفر لهم التخفي والاحتماء بين البسطاء، مما يجعل معالجة هذه الظواهر تتطلب حلولًا شاملة تتجاوز الإزالة الجبرية إلى إصلاحات اقتصادية وأمنية واجتماعية مستدامة.
وفي النهاية، عليك أن تعتذر، ليس فقط لهؤلاء البسطاء الذين ظلمتهم وعممت عليهم السوء بتقديرات غي مشروعة ولا مدروسه وبدون احصاءات علمية تبرئ بها زمتك، بل تعتزر لنفسك أولًا، لأنك بهذا التعميم الجائر خالفت قيم الدين والعدل والإنصاف.