تقارير

دعوى السودان ضد الإمارات: بين رد الخرطوم وتوضيح أبوظبي… ووجهة نظر القانون الدولي

دعوى السودان ضد الإمارات: بين رد الخرطوم وتوضيح أبوظبي… ووجهة نظر القانون الدولي

شبكة مسارب الضي الإخبارية

تقرير :محمد تبيدي

في أول رد رسمي على الدعوى المقدمة من السودان ضد دولة الإمارات العربية المتحدة أمام محكمة العدل الدولية، صرّحت ريم كتيت، مساعد وزير الخارجية الإماراتي للشؤون السياسية، بأن التركيز يجب أن يكون على حماية المدنيين وتحقيق العدالة الجنائية الدولية، بدلاً من الانغماس في هجمات سياسية ضد دول تُعَدّ جزءاً من معادلة الصراع الإقليمي. ورأت أن الدعوات القضائية لا ينبغي أن تتحول إلى أدوات للدعاية أو لإثارة الاحتقان السياسي، بل يجب أن تسعى إلى فتح قنوات للحوار وإيجاد حلول توفّق بين مطالب العدالة والواقع السياسي المعقّد الذي يعيشه الشعب السوداني.

أوضحت كتيت أن المسؤوليات لا تقع على عاتق جهة واحدة، مشددة على ضرورة تدخل المجتمع الدولي بشكل نزيه وشفاف لمراجعة كافة خطوات توريد الأسلحة والعتاد العسكري إلى الأطراف المتنازعة. وأكدت أن أي دعوة أو موقف سياسي يجب أن يُقيَّم بناءً على معايير قانونية وإنسانية، لا على أساس الخطابات الاحتجاجية وحدها. كما رأت ضرورة إعادة النظر في السياسات التي قد تؤدي إلى تفاقم الفجوات المجتمعية، مع الحفاظ على الكرامة والحقوق الأساسية للمواطن السوداني.

استخلصت كتيت أن دعوة السودان ضد الإمارات لا تُعَدّ بحد ذاتها خطوة كافية لتحقيق العدالة أو وقف التصعيد العسكري، بل إنها تحتاج إلى مقاربة أكثر عمقاً وإدماجاً لجميع الأطراف في حوار يهدف إلى إيجاد حلول مستدامة للنزاعات. وفي هذا السياق، دعت إلى تحقيق دولي شفاف لضمان محاسبة جميع الجهات التي تساهم في تأجيج الصراعات، وسياسات متوازنة تجمع بين الضوابط القانونية والإنسانية دون أن تُستغل الخطابات السياسية لأغراض ضيقة، وتعزيز الحوار كخطوة أولى نحو إنهاء الانقسامات التي تسهم في ديمومة أزمة تضر بمستقبل الشعب السوداني.

في المقابل، أكد ممثل السودان الدائم لدى محكمة العدل الدولية أن الدعوى المقدمة ضد دولة الإمارات تستند إلى وثائق وأدلة رسمية تُظهر تورطها في دعم مليشيا الدعم السريع التي تمرّدت على الدولة السودانية وارتكبت، بحسب قوله، “انتهاكات جسيمة ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية”. وأشار إلى أن الأسلحة التي وصلت إلى المليشيا تم توثيق منشأها ومساراتها، وهو ما يضع الإمارات، من وجهة نظر الحكومة السودانية، أمام مسؤولية قانونية وأخلاقية بموجب القوانين الدولية.

طالب ممثل السودان بضرورة فتح تحقيق دولي نزيه وشفاف في مصادر تمويل وتسليح المليشيا، مؤكداً أن حماية المدنيين وفرض سيادة القانون يجب أن تكون الأولوية، وليس المصالح السياسية لأي دولة. كما دعا إلى فرض عقوبات على كل من يثبت تورطه في تأجيج الحرب، مشيراً إلى أن استمرار هذا الدعم الخارجي يقوّض كل محاولات السلام ويزيد من تعقيد المشهد الإنساني.

اختتم السودان موقفه بتوجيه رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن “الصمت لم يعد مقبولاً”، وأن السودان لن يتهاون مع أي جهة تُسهم في استمرار معاناة شعبه، داعياً الدول الكبرى والمنظمات الأممية إلى اتخاذ خطوات ملموسة لوقف دعم المليشيات المسلحة ومحاكمة المتورطين وفقاً للعدالة الجنائية الدولية.

وفي وجهة نظر قانونية محايدة، أوضح البروفيسور جون مارك لوران، أستاذ القانون الدولي بجامعة لايدن الهولندية، أن الدعوى المقدمة من السودان ضد الإمارات تدخل ضمن اختصاص محكمة العدل الدولية من حيث العلاقة بين الدول، لكنها تعتمد بشكل كبير على قدرة السودان في إثبات “النية المباشرة والدعم الموثّق” الذي يُمكن أن يُفسّر كخرق للقانون الدولي العام، أو المساهمة في جرائم حرب وفقًا لاتفاقيات جنيف.

وأشار إلى أن مثل هذه القضايا تتطلب تعاونا دقيقاً بين الجهات الدولية لتقصي الحقائق، مؤكداً أن إثبات المسؤولية القانونية لا يقتصر على وجود السلاح في الميدان، بل يجب أن يُثبت بشكل قاطع أن الدولة المدعى عليها كانت تعلم أو كان ينبغي لها أن تعلم بأن الدعم سيُستخدم في ارتكاب انتهاكات.

وختم لوران بقوله: “القضية تُشكل اختباراً دقيقاً لمنظومة العدالة الدولية، وتتطلب تعاملاً بعيداً عن الاستقطاب السياسي، وأقرب إلى المعايير القانونية النزيهة التي تحفظ العدالة، وتحمي المدنيين، وتمنع الإفلات من العقاب.”

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى