أعمدة الرأي

دعوى السودان ضد الإمارات أمام العدل الدولية: دعم مليشيا دقلو تحت المجهر الدولي

 

دعوى السودان ضد الإمارات أمام العدل الدولية: دعم مليشيا دقلو تحت المجهر الدولي
⭕ شبكة مسارب الضي الإخبارية
لاهاي: مسارب الضي
تقرير / د. محمد تبيدي

 

تشهد الساحة السودانية والإقليمية تحولات خطيرة وسط اتهامات متبادلة حول تورط دولة الإمارات العربية المتحدة في تأجيج الصراع وإشعال الحرب في السودان، ودعم مليشيا آل دقلو الإرهابية. وفي هذا السياق، نستعرض ما دار في جلسة الدعوى المقدمة من السودان ضد الإمارات العربية المتحدة لدعم مليشيا الدعم السريع المُتمردة أمام محكمة العدل الدولية، ودور السلاح والعتاد العسكري في تفجير موجات العنف والنهب والاغتصاب والأسر والسرقة والتهجير الإجباري والدمار الذي حل بالسودان، إضافةً إلى التصريحات التي أدلى بها ممثل السودان لدى المحكمة الجنائية الدولية.

▪️ السياق العام للصراع في السودان والتداخلات الإقليمية
يتسم النزاع في السودان بتعقيدٍ تاريخيٍ وسياسيٍ طويل؛ إذ مرت البلاد بمراحل مختلفة من الصراع الداخلي، بدءًا بثورة الشباب والإطاحة بنظام الإنقاذ، ثم سرقة الثورة من قبل ما يسمى بتجمع المهنيين وقوى إعلان الحرية والتغيير. وسقط عشرات الشهداء من خيرة شباب الوطن، وضاع دمهم وقودًا لتشويه سمعة القوات المسلحة، وأُدخل الدعم السريع حليف النظام البائد باعتباره ضامنًا للثورة. ظهرت أحزاب وأجسام وتجمعات هدفها الوجود في الساحة بدعم إماراتي للسيطرة على النظام ومن ثم موارد البلد. وطفا على السطح السياسي ما وصف بـ”الغزورات”، ومنهم المدعو د. عبدالله حمدوك. وتم توقيع اتفاق سلام جوبا بين حكومة الفترة الانتقالية والحركات المسلحة. ثم جاء ما سمي بتصحيح المسار من قبل قيادات المجلس السيادي الانتقالي، والذي وُصف بأنه انقلاب على الحكم المدني. تلاه تمرد مليشيا آل دقلو الإرهابية على الدولة، حيث سيطروا على المنشآت التي كانوا يحرسونها، واعتقلوا من فيها واستخدموهم كدروع بشرية، وغيرها من الأفعال المروعة.

▪️ دور القوى الإقليمية
من بين الجهات التي تدخلت في شؤون السودان الداخلية وأججت الصراعات، تأتي دولة الإمارات العربية المتحدة، التي سعت في إطار سياستها الإقليمية إلى دعم جهات يُعتقد أنها تسعى لإعادة رسم ملامح القوى في المنطقة. لم يقتصر هذا الدعم على المجال السياسي فحسب، بل شمل تقديم تسهيلات عسكرية ودبلوماسية للفئات الداعمة للمليشيا، واستقدمت مرتزقة كولومبيين وعربًا من شتات أفريقيا، إضافة إلى أنواع من الأسلحة أقرت دول منشئها بأنها باعتها للإمارات، ولكنها وجدت في يد مليشيا آل دقلو الإرهابية. كما شجعت على قيام كائنات هلامية كـ”تقدم” وغيرها من الواجهات السياسية الداعمة للمليشيا، التي يكفلها ما وصف بـ”شيطان العرب” محمد بن زايد.

▪️ تفاصيل جلسة الدعوى أمام محكمة العدل الدولية والإطار القانوني
تدور الدعوى حول دعم الإمارات لمليشيا الدعم السريع التي تمرّدت على القوات المسلحة السودانية، ودُعيت الإمارات للمثول أمام محكمة العدل الدولية، وهي الهيئة القضائية الرئيسية التابعة للأمم المتحدة والتي تُعنى بالفصل في النزاعات القانونية بين الدول، وليس الجرائم الفردية.

▪️ دوافع الدعوى وآثارها
تشير تقارير إلى أن الإمارات برّرت استخدام الأسلحة والعتاد العسكري من قبل مليشيا الدعم السريع المُتمردة بالدفاع عن مصالحها المحلية أو لحماية أمنها القومي، لكنها تنكر تورطها في استجلاب الأسلحة المتطورة التي ساهمت في تصعيد معدلات العنف والانتهاكات الجسيمة. في ظل تزايد حالات القتل والنهب والاغتصاب، فإن تقديم مثل هذه الدعوى يسعى إلى لفت أنظار المجتمع الدولي نحو الانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا آل دقلو الإرهابية بحق الشعب السوداني.

▪️ الأسلحة والعتاد العسكري سبب العنف والدمار في السودان
يُعتبر توريد الأسلحة والعتاد العسكري المتطور عاملاً محوريًا في تعديل معادلة الصراع في السودان، إذ إن دخول تقنيات الحرب الحديثة أسهم في زيادة وتيرة العنف وتقويض السيادة.

▪️ تصعيد المواجهات
أسفر الاستخدام المتزايد للأسلحة الثقيلة عن تصاعد المواجهات، ما أدى إلى مقتل عدد كبير من المدنيين، ونهب الممتلكات، والاستهداف العشوائي للمناطق الخاضعة للقوات المسلحة، بما فيها المستشفيات، المرافق الخدمية، دور العبادة، ومحطات الكهرباء والمياه.

▪️ دور الأسلحة في تفجير الأزمات الإنسانية
أدى الارتباط الوثيق بين توريد الأسلحة واندلاع العنف إلى تفاقم الأزمات الإنسانية، حيث يعاني المواطن من التهجير الجماعي وتدمير البنية التحتية.

▪️ آليات التوريد والمسؤوليات الدولية
يُطرح تساؤل حول مدى توافق عمليات توريد الأسلحة مع المعايير والاتفاقيات الدولية، خاصةً في ظل تسجيل جرائم حرب وانتهاكات جسيمة في مناطق النزاع. وبينما تُعلن بعض الدول تأمين مصالحها الإقليمية، تظهر الحاجة لتحقيقات دولية شاملة لتقييم دور الأسلحة في تأجيج الأزمات.

▪️ التصريحات السودانية في المحافل الدولية وموقف السودان القانوني
في ظل تصاعد الانتقادات لممارسات مليشيا الدعم السريع، برزت تصريحات ممثل السودان في المحافل الدولية، الذي أكد أن:

المحاسبة القانونية ضرورة ملحة: دعا لفتح تحقيقات دولية وتفعيل آليات العدالة الجنائية لمحاسبة المسؤولين عن جرائم توريد الأسلحة والعتاد.

الانتقادات للتدخلات الخارجية: أعرب عن استيائه من التدخلات التي تؤجج الصراعات، مؤكدًا ضرورة إخضاع توريد الأسلحة للرقابة الدولية.

دعوة لتعزيز الإجراءات الوقائية: شدد على تشكيل لجان تحقيق دولية مستقلة لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.

▪️ التداعيات الإقليمية والدولية وإعادة تشكيل موازين القوى
إن دعم الإمارات لبعض الفصائل المسلحة يعيد رسم خريطة التحالفات بالمنطقة ويؤدي إلى:

تنامي التوترات الدبلوماسية: قد يشعل دعم جهات معينة نزاعات داخلية ويتيح التصعيد دون رادع قانوني.

تأجيج الشقوق المجتمعية: استخدام الأسلحة المتطورة يزيد الانقسامات العرقية والطائفية، مما يصعب المصالحة الوطنية.

الحاجة لتطبيق معايير العدالة الدولية: لتسوية النزاعات والحد من الجرائم التي تستهدف حقوق الإنسان.

▪️ خاتمة واستنتاجات
تشكل الدعوى المقدمة ضد الإمارات محورًا جدليًا يعكس تعقيدات السياسة والدفاع والأمن في منطقة مليئة بالأزمات.

التورط الخارجي والمحاسبة الدولية: تبرز أهمية فتح تحقيقات دولية تضع جميع الأطراف تحت رقابة القانون الدولي، خاصة في ما يخص توريد الأسلحة والعتاد.

دعوة لتعزيز العدالة وحقوق الإنسان: تؤكد التصريحات السودانية على ضرورة إعادة النظر في السياسات الدولية تجاه السودان، وخلق بيئة قانونية تحمي المدنيين وترفع من معايير العدالة الجنائية.

في ظل هذا الجدل الدولي، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن التوفيق بين المصالح السياسية والواجبات الإنسانية والقانونية التي تُحتم محاسبة من يسهمون في تأجيج الصراعات وانتهاك حقوق الإنسان في السودان؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى